تنامت شعبية الكي-بوب في العالم العربي في السنوات الأخيرة، حيث أصبح جزءً من الثقافة الموسيقية الشبابية؛ لينخرط الكثيرون بآرمي فرق الكي-بوب، ويتابعون أخبار أعضاء هذه الفرق لحظة بلحظة. انعكس هذا الاهتمام على الصحافة الموسيقية في العالم العربي، لتنتشر الصفحات المخصصة بنقل أخبار نجوم الكي-بوب باللغة العربية، وتنشر المجلات والصحف العربية أخبار حول إصدارات الكي-بوب الجديدة ومراجعات لها.
هذا الاهتمام العربي والعالمي بموسيقى الـ كي-بوب وصل إلى مستوى جديد، مع اختيار ليسا، من بلاك بينك، لتكون نجمة غلاف مجلة بيلبورد عربية لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ولتكون بذلك أول شخصية غير عربية تتصدر غلاف مجلة بيلبورد عربية؛ في خطوة تعكس عمق العلاقة التي تربط الشباب العربي بهذه الظاهرة الموسيقية.
يعود تاريخ الـ كي-بوب إلى منتصف التسعينيات عندما بدأت المحطات الكورية بإذاعة برامج مخصصة لمواهب الغناء والرقص؛ لتبدأ مع هذه المواهب الجديدة حكاية الجنرا الموسيقية التي تنامت شعبيتها سريعًا، لتُصبح بحلول العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين الأكثر انتشارًا وتأثيرًا على مشهد الموسيقى العالمية. خلال هذه الفترة، مرّت على موسيقى الكيبوب خمسة أجيال، طورتها وغيرت ملامحها تدريجيًا لتصل إلى ما هي عليه اليوم. إليكم حكاية أجيال الكيبوب الخمسة:
الجيل الأول: من التسعينيات وحتى سنة 2005
يعتبر هذا الجيل بمثابة الأساس الذي بُني عليه الـ كي-بوب الحديث. كانت سيو تايجي اند بويز من أبرز الفرق التي غيرت مشهد الموسيقى الكورية، من خلال دمج المؤثرات الغربية مع الكلمات الكورية. تبعتهم فرق مثل: اتش.أوه.تي وبوا وسيش كيز ورين وأس.إي.أس، الذين ساهموا في ترسيخ مفهوم الكيبوب. كان هذا الجيل متأثرًا بشكل كبير بالثقافة الأمريكية من حيث الموسيقى والأزياء، ولاسيما بموسيقى الهيب هوب وفرق البوي باند الأمريكية التي كانت تشهد طفرة في التسعينيات. حيث كان شباب الكيبوب يرتدون ملابس فضفاضة، وكان اللون الأبيض مفضلًا لديهم.
الجيل الثاني: 2005 - 2012
شهد هذا الجيل تطورًا كبيرًا في صناعة الـ كي-بوب، حيث تم تأسيس نظام التدريب الصارم للفنانين، الذين بدأوا في الانفتاح على الأسواق العالمية. في هذا الجيل ظهرت فرق مثل: تي في إكس كيو وسوبر جونيور وبيغ بانغ وجيرلز جينيريشن. ساهمت هذه الفرق بالتوسع إلى خارج حدود كوريا الجنوبية، لتكون هذه الفترة بداية العروض العالمية والجولات الدولية للكيبوب. أيضًا، ساعد الانتشار الواسع ليوتيوب في زيادة شهرة الكيبوب عالميًا مع نجاحات كبيرة مثل أغنية "Gangnam Style" لساي.
الجيل الثالث: 2012 – 2018
هو الجيل الذهبي للكيبوب، الذي جعل هذه الجنرا الموسيقية تحتل مكانتها العالمية اليوم، مع فرق مثل: بي-تي-إس وبلاك بينك وإكسو. فبعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات البث الرقمي عوامل رئيسية في انتشار الموسيقى، تفطّن الجمهور في كل أنحاء العالم إلى فرادة الموسيقى التي يُقدمها الكوريين، وتأثر بهم جيل الألفية الجديدة، أو ما يُعرف بالجيل زد؛ الذين اهتموا بشكل خاص بفيديوهات الرقص الملحقة بكليبات هيتات الكيبوب، وبدأت تظهر موجة من المراهقين الذين يعيدون تصوير رقصات أغاني الكيبوب بطريقتهم الخاصة. فرق الـ كي-بوب التي تنتمي لهذا الجيل منحت الـ كي_بوب صبغة العالمية، وشهدنا معها تعاونات لأغاني كي-بوب عابرة للقارات، أخذته إلى منحى جديد، من خلال التعاون مع فنانين عالميين مثل نيكي ميناج وسيلينا غوميز وليدي غاغا.
الجيل الرابع 2018 - 2023
في الوقت الذي صار نجوم الكي-بوب من الجيل الثالث يُقدمون أغاني كاملة باللغة الإنكليزية، ظهر جيل جديد متأثر بالتنوع الموسيقي الكبير في المشهد الموسيقي وأضاف العديد من اللمسات الجديدة التي أثّرت على الصناعة، حيث تم استخدام الذكاء الاصطناعي وتم اللجوء إلى تقنيات حديثة في الموسيقى. تعتبر فرق ستراي كيدز وإتزي وايسبا ونيو جينز وتومورو إكس توغيذر أبرز الفرق التي تنتمي لهذا الجيل، الذي يُعتبر الأقل حظًا بسبب تأثير جائحة كورونا على جولاتهم العالمية. لكن هذا الظرف الاستثنائي كان له جانب إيجابي بدوره، حيث دفع هذه الفرق إلى التركيز على إنتاج موسيقى عالية الجودة مع عناصر بصرية متطورة.
الجيل الخامس 2023 - حتى الآن
لا يزال هذا الجيل في مراحله الأولى، لكن هناك نقاشات حول بداية حقبة جديدة في الكي-بوب مع ظهور مجموعات مثل إيليت وبيبي مونستر ويونغ بوس وزيرو بيز ون وكيس أو لايف. يتجه هذا الجيل نحو مفاهيم أكثر براءة، مع الاعتماد كبير على الإطلالات البسيطة، بأزياء مريحة وكاجوال لا تشبه البهرجة التي كانت تغلب على الفيديوهات الموسيقية للجيلين السابقين. ولعل ما يميز الجيل الخامس في الكي-بوب هو الاعتماد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، بما في ذلك الإنتاج الموسيقي واستخدام شخصيات افتراضية (كما تفعل فرقة يونغ بوس) ومؤثرات تكنولوجية متطورة في العروض الحية.